غسلت" رنيم" وجهها وربطت شعرها برباطٍ أحمر لتُخفي طول شعرها الذي لا يخلو من شدَّ الناس له في الأسواق....
تناولت "رنيم" طعام الفطور وحملت جرار العسل الصغيرة على حمارها، ودَّعت جدها مُلوّحةً له بحبٍ وذهبت إلى السوق...
وصلت "رنيم" إلى السوق الذي يضجُّ بجميع أشكال البشر الغني والفقير والمتسول...
ربطت "رنيم" حمارها بفرع الشجرة، أنزلت جرار العسل بهدوءٍ كي لا تنكسر بيدها الجرار التي أفنت أسابيع بصنعها هي وجدها، حملت "رنيم" حقيبة الجرار لتُغني للعسل بصوتها الطفوليّ البريء:
-"عسلٌ......عسلٌ أنا بائعة العسل، أقبل...أقبل لدىَّ جمال العسل، عسلٌ صافي كشعاعِ الشمس، عسلٌ رائع كرحيق الأمس"
نادت "رنيم" وغنَّت لكن لم يُقبل لها أيُّ مشترٍ، جلست بيأسٍ بجانب حمارها وأخذت دموعها تسيلُ على خديها الصغيرين ....
"رنيم" ذات العشرة أعوامٍ تبكي بكل هذا اليأس لتُحدث نفسها:
- كيف أذهب إلى جدي وأنا لم أجنِ قرشًا واحدًا؟!! يا إلهي سيُصاب بخيبةٍ كبيرةٍ.
ازدادت شهقات "رنيم" مكملةً:
- لقد كنا ننتظر بيع العسل، الشتاءُ قادمٌ وليس عندنا من الثياب ما يكفي كان سيشتري لي معطفًا اليوم.
وما إن توقفت عن الكلام حتى ارتسمت ابتسامةٌ كبيرةٌ..
رواية بائعة العسل
للكاتبة تسنيم فضالي وهبه
