حروف اسمها حزينة، حتى أنها رفضت أن تُكتب اليوم في نعي صاحبتها المنشور بالجريدة العريقة. في البداية كانت الحروف تتلاشى تلقائيا عند عتبة باب الشقة. تتبخر واحدة تلو الأخرى ليدخلوا إلى البيت مجدداً من فتحة المفتاح. تلك الفتحة التي ظلت تنظر منها على الأطفال اللذين يلعبون بالخارج, لكن والدها لم يسمح لها أبداً باللعب معهم. حين شبَّت، صارت تراقب الناس في الشارع من فتحة الشيش الخشبي ذي اللون البني الغامق. هذا الشيش كان في الأصل شرفة كبيرة أغلقها والدها قبل أن يتزوج بأمها. بعد زواجها التقليدي تراجعت حروف اسمها فلم تعد تسمعه في غرفة نومها. مجدداً صارت الحروف تنسحب إلى الداخل، مثل الجنيات الصغيرات يتركن أثراً سريعاً في الهواء. بعد سنوات قليلة لم يعد اسمها يُنطق منذ استبداله بكنية "أم ..." حزنت الحروف كثيراً، واختبأت في دولاب الملابس داخل جيب البالطو الأسود الصوف الذى اشترته للجهاز قبل الزواج. يوم وفاتها رفضت الحروف أن تخرج أو ربما لم تعرف كيف تخرج بعدما صار البالطو داخل حقيبة سفر منسية في السندرة.
نسرين البخشونجي
